
شهدت الرباط تحولًا تاريخيًا في موقف المملكة المتحدة تجاه نزاع الصحراء الغربية، حيث أعلن وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، أن الحكم الذاتي هو “الحل الأكثر واقعية وبرغماتية” لحل هذا النزاع المعقد. تأتي هذه التصريحات في إطار زيارة عمل للامي إلى المغرب، وتعتبر علامة فارقة في تشكيل السياسة الدولية تجاه قضية لطالما ارتهنت بتوازنات معقدة وصراعات سياسية متواصلة.
تحليل الموقف البريطاني
في تصريحاته، أكد لامي أن بريطانيا ترى في الحكم الذاتي خيارًا واقعيًا وقابلاً للتطبيق يمكن أن يسهم في إنهاء الصراع المستمر منذ عقود. هذا الادعاء يتماشى مع رؤى العديد من الدول المعنية بالملف ويعكس اتجاهًا متزايدًا نحو الاعتراف بحق المملكة المغربية في تقرير مصير أقاليمها الجنوبية.
ردود الفعل المغربية
ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، اعتبر هذا الموقف البريطاني “تحولًا وتطورًا مهمًا” يأتي من دولة عضوة في مجلس الأمن وأحد الأصدقاء المقربين للأمين العام للأمم المتحدة. وأعرب بوريطة عن تقديره لهذه الدينامية، مشيرًا إلى أنها تعكس مصالح اقتصادية حيوية، إذ تدرس العديد من الجهات الاستثمارية البريطانية ضخ استثمارات في الصحراء المغربية.
الآفاق الاقتصادية والاستثمارية
إن الدعم البريطاني لمقترح الحكم الذاتي لا يقتصر على الجوانب السياسية فقط، بل يمتد أيضًا ليشمل الأبعاد الاقتصادية. قد يفتح هذا الموقف الأبواب أمام استثمارات جديدة في مناطق الصحراء، مما يمكن أن يسهم في تحسين البنية التحتية وتوفير فرص عمل للسكان المحليين. يعتبر بوريطة أن هذا الاتجاه يسهم في تعزيز التنمية المستدامة في المغرب، ويعتبر خطوة نحو الوحدة والتنمية في المنطقة.
البحث عن الحلول
أعاد الوزير المغربي التأكيد على أن موقف بريطانيا يحمل أهمية خاصة في إطار الجهود المبذولة لإيجاد حلول عملية للنزاع. وفي هذا السياق، دعا بوريطة الأمم المتحدة وأطرافًا أخرى إلى تحمل مسؤولياتها من أجل إيجاد حل قابل للتفاوض. يعكس هذا الاتصال الرفيع المستوى من قِبل المغرب رغبته الجادة في تحسين الأوضاع وإيجاد صيغة للتعاون بين جميع الأطراف المعنية.
تعتبر تصريحات وزير الخارجية البريطاني من الرباط علامة بارزة في السياق الدولي لملف الصحراء. هذا الوعي المتزايد من قبل القوى الكبرى بأهمية الحلول البراغماتية قد يساهم بشكل كبير في خلق أفق جديد لطاولة المفاوضات. كما أن تعزيز العلاقات الثنائية بين المغرب وبريطانيا، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، قد يُعدّ خطوة ضرورية لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة.
يبقى أن نتطلع إلى ما ستؤول إليه الأمور في المستقبل، مع الأمل في تحقيق السلام والاستقرار لكل الأطراف المعنية.