واشنطن تُمهل الجزائر: تسوية أو تصعيد

من المرتقب خلال الأيام المقبلة أن يعقد المجلس الأعلى للأمن القومي الجزائري اجتماعًا طارئًا لمناقشة مسألة واحدة، لكنها مفصلية ومصيرية، تتمثل في كيفية التعامل مع الإنذار الرسمي الذي وجهته الولايات المتحدة الأمريكية للجزائر. هذا الإنذار يتضمن خيارين واضحين لا ثالث لهما:
1. إقناع جبهة البوليساريو بالقبول بمقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب، والمساهمة في تفعيله على أرض الواقع وفق الرؤية التي تعتمدها الأمم المتحدة.
2. أو مواجهة تداعيات تصعيدية خطيرة، تتجلى في إمكانية تصنيف جبهة البوليساريو كتنظيم إرهابي، وما سيترتب عن ذلك من آثار سياسية وقانونية وعسكرية قد تزعزع الاستقرار الإقليمي برمّته.
هذا التطور يعكس تحولاً استراتيجياً عميقاً، ويضع السلطات الجزائرية أمام منعطف تاريخي حرج، بعد عقود من استنزاف موارد البلاد في صراع تم تسويقه داخلياً وخارجياً كقضية مبدئية، بينما كان يُستخدم في الواقع كوسيلة لتبرير سياسات داخلية وتحركات خارجية مكلفة.
اليوم، لم يعد أمام النظام الجزائري سوى خيارين أحلاهما مرّ: إما الانخراط في حل سياسي واقعي يطوي صفحة هذا النزاع المفتعل، أو المجازفة بدخول مواجهة مباشرة مع القوى الكبرى، بما تحمله من مخاطر العزلة الدولية، وتآكل الشرعية، واحتمال فرض عقوبات قاسية لدعمه كيانا مسلحا خارج إطار الشرعية الدولية.
في ظل تسارع المتغيرات الإقليمية والدولية، لم يعد هناك مجال للمواقف الرمادية، خاصة في منطقة تتسم بحساسية عالية وتشابك جيوسياسي معقّد.