
في الفترة الأخيرة، شهدت وسائل الإعلام الجنوب أفريقية موجة من الانتقادات الحادة تجاه حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الذي لا زال يحتضن عناصر من جبهة البوليساريو على أراضيه.
وقد سلطت هذه الحملة الإعلامية الضوء على الجوانب السلبية لهذه العلاقة، مشيرة إلى أن الجبهة تستفيد من التبرعات الشعبية في جنوب أفريقيا.
اتهامات بالتمويل غير المشروع تشير التقارير الإعلامية إلى أن عناصر البوليساريو في جنوب أفريقيا تتلقى تمويلات مثيرة للجدل. حيث يُزعم أن الأموال التي تُجمع تُستخدم في دعم نشاطات عسكرية للجبهة في الصحراء الكبرى، وأن التبرعات التي يُفترض أن تُخصص لأغراض إنسانية تُستغل لشراء الأسلحة وتقديم الرواتب للجنود الذين يفرضون حصارًا على المواطنين في مخيمات تندوف أو ينفذون عمليات إرهابية في المنطقة العازلة على الحدود المغربية.
مواقف متضاربة مع المواقف الدولية تكشف التقارير الإعلامية عن تباين واضح بين موقف جنوب أفريقيا في دعم البوليساريو والمواقف الدولية التي تدعم جهود السلام في القارة. فبعض الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة، تروج لاستقرار المنطقة وتشجع الحلول السلمية، بينما يُعتبر الدعم الجنوب أفريقي لجبهة البوليساريو تحديًا لتلك المواقف، إذ تصنف الأمم المتحدة والعديد من الدول البوليساريو كجماعة إرهابية تهدد الأمن والسلم في المنطقة.
وفي هذا السياق، يبرز الإعلام الجنوب أفريقي أن المغرب، الذي قدم دعمًا كبيرًا لنضال نيلسون مانديلا في مرحلة ما قبل تحرير جنوب أفريقيا، يجد نفسه الآن في وضع محرج، حيث يعبر الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا عن دعمه للبوليساريو التي تُعتبر تهديدًا للأمن الإقليمي من منظور دولي.
دور جنوب أفريقيا في تعزيز السلام الإفريقي تسعى جنوب أفريقيا دائمًا لتكون رائدة في بناء قارة إفريقية مستقرة وسلمية، ولكن دعمها للبوليساريو يُعِدُها في موقف محرج. حيث يعبّر عدة مسؤولين ومحللين جنوبيين عن قلقهم من أن هذه السياسة تتناقض مع أهداف بلاده المعلنة في تعزيز الاستقرار والسلام في القارة. وقد أظهرت التقارير الدولية تورط البوليساريو في ممارسات تهدد الأمن الإفريقي، بما في ذلك تهريب المساعدات الإنسانية المخصصة لمخيمات اللاجئين في تندوف.
التناقض بين دعم السلام ودعم الميليشيات ترتبط الانتقادات تجاه دعم حزب المؤتمر الوطني الإفريقي للبوليساريو بوجود المرتزقة في المخيمات وارتباطهم بالعمليات الإرهابية في المنطقة العازلة بالصحراء الكبرى. وهذا يُبرز التحدي الكبير الذي تواجهه القيادة الجنوب أفريقية في التوافق بين المواقف الدولية الداعمة للسلام ودعمها لجبهة البوليساريو المنخرطة في صراع مسلح يتعارض مع قرارات الأمم المتحدة.
التحديات السياسية التي تواجهها الحكومة من المهم الإشارة إلى أن الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا، الذي يواجه تحديات داخلية وخارجية، ينبغي له أن يُعيد تقييم سياسته تجاه البوليساريو، إذ يمكن أن تؤدي المواقف الحالية إلى آثار سلبية على علاقاته مع الدول التي تتبنى مواقف محايدة أو معارضة للبوليساريو
ومن المحتمل أن تضغط القوى السياسية على حكومة جنوب أفريقيا لاتخاذ خطوات ملموسة لتقليص دعمها لهذا الكيان الذي يُعتبره العديد من الأوساط الدولية جماعة إرهابية.
كما تشير المعطيات الإعلامية في جنوب أفريقيا إلى أن القضية تتجاوز الدعم السياسي لجبهة البوليساريو، لتصبح مسألة أخلاقية ودبلوماسية معقدة تُؤثر على موقف جنوب أفريقيا كداعم للسلام في القارة.