دعا “معهد أمريكان إنتربرايز”، وهو مركز أبحاث متخصص في السياسات العامة، إلى وقف تمويل بعثة “المينورسو” التي تشرف على الاستفتاء في الصحراء الغربية، بحجة أنها تعرقل حل النزاع بدلًا من تسويته. وفي مقال لمايكل روبين، الباحث بالمركز، أشار إلى أن البعثة لم تحقق أهدافها رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود وإنفاق مليارات الدولارات، مؤكدًا أن استمرارها قد يكون موضع إعادة نظر من الإدارة الأمريكية.
تأتي هذه الدعوات تزامنًا مع اقتراب جلسة مجلس الأمن المقبلة، حيث يُنتظر أن توضح الإدارة الأمريكية الجديدة موقفها من القضية. ومع الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، يرى بعض المراقبين أن تمويل بعثة “المينورسو” بات يتعارض مع هذا التوجه، خاصة في ظل غياب تقدم ملموس في حل النزاع، مما يضعها في دائرة التدقيق ضمن سياسة واشنطن الجديدة لإعادة تقييم إنفاقها الدولي.
من جانبه، أوضح خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، أن مستقبل قضية الصحراء المغربية سيتحدد وفق الموقف الأمريكي خلال جلسة أبريل المقبل، حيث ستطرح خيارات قانونية وسياسية جديدة. ولفت إلى أن إدارة ترامب، التي اعترفت بسيادة المغرب على الصحراء وتعهدت بفتح قنصلية في الداخلة، تعزز التعاون المغربي-الأمريكي على المستويين الاقتصادي والاستراتيجي.
وأضاف شيات أن هناك تباينًا في المواقف؛ فمن جهة، تحاول الجزائر التأثير على الإدارة الأمريكية عبر تقديم مزايا اقتصادية، لكنها تصطدم بعلاقتها الوثيقة بروسيا، ما قد يثير مخاوف واشنطن. وفي الوقت نفسه، تحاول الجزائر إعادة تشكيل تحالفاتها لكسب دعم الولايات المتحدة، إلا أن هذه المحاولات تواجه عقبات كبيرة. وأكد أن المغرب بحاجة إلى تعزيز مكانته كحليف تقليدي لأمريكا في شمال إفريقيا، محذرًا من محاولات الجزائر للتأثير على الموقف الأمريكي.
أما على المستوى الميداني، فقد أشار إلى أن سحب بعثة “المينورسو” قد يؤدي إلى تصعيد التوتر بين المغرب والجزائر، مما قد يفرض على الولايات المتحدة التدخل بقوة لفرض تسوية نهائية للنزاع. وأوضح أن هناك جهودًا جزائرية داخل الأوساط الأمريكية للترويج لفكرة تقسيم الصحراء كحل وسط، وهو ما قد يعزز نفوذ الجزائر في المنطقة.
وفي السياق ذاته، اعتبر بوسلهام عيسات، الباحث في الدراسات السياسية والدولية، أن الدعوات لإنهاء مهام بعثات حفظ السلام الفاشلة قد تجد صدى داخل الأمم المتحدة، خصوصًا في ظل توجه الإدارة الأمريكية نحو تقليص مساهماتها أو الانسحاب من بعض المنظمات الدولية. وأكد أن بعثة “المينورسو” قد تكون مشمولة بهذه المراجعة، خاصة أن واشنطن تعترف بسيادة المغرب على الصحراء، مما قد يدفعها إلى دعم هذا التوجه في مجلس الأمن.
من جهة أخرى، رأى عيسات أن تعيين سفير أمريكي جديد في المغرب، مقرب من ترامب، قد يعزز التعاون الثنائي، ويجعل الصحراء المغربية في صلب الشراكة الاقتصادية والأمنية بين البلدين. وأوضح أن هذا الواقع يدفع الدول المعارضة للوحدة الترابية للمغرب إلى البحث عن شراكات جديدة لتعزيز مواقعها، في محاولة لموازنة التغيرات الجيوسياسية في المنطقة.