في تصعيد خطير وغير مسبوق في العلاقات بين الدول الأفريقية، تقدمت دولة مالي بشكوى رسمية إلى الأمم المتحدة تتهم فيها الجزائر بدعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار الإقليمي. هذا التطور يأتي في وقت حساس للغاية حيث يعاني العديد من دول المنطقة من تزايد النشاطات الإرهابية والصراعات المسلحة، مما يزيد من تعقيد الأوضاع في منطقة الساحل الإفريقي.
الشكوى التي قدمتها الحكومة المالية تشير إلى تورط الجزائر في دعم ميليشيات مسلحة تعمل على تقويض الأمن في المنطقة. وعلى الرغم من أن الجزائر لم تصدر بيانًا رسميًا يعلق على هذه الاتهامات حتى الآن، فإن الرسالة التي وصلت إلى الأمم المتحدة تعكس انزعاج مالي الكبير من تصرفات الجزائر، خاصة في ظل تصاعد حدة التوترات في منطقة الساحل.
ومن الواضح أن الشكوى تتضمن أيضًا اتهامات غير مباشرة تتعلق بدعم الجزائر لجماعة البوليساريو في الصحراء الغربية، وهي قضية لطالما كانت محل نزاع بين المغرب والجزائر. حيث تعتبر الجزائر أحد الداعمين الرئيسيين لجبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية عن المغرب، وهي قضية حساسة تؤثر بشكل مباشر على استقرار العلاقات بين العديد من الدول في المنطقة.
ويبدو أن هذا التصعيد قد يؤثر بشكل كبير على توازنات القوة في المنطقة، حيث تمثل الجزائر واحدة من القوى الكبرى في شمال إفريقيا، ولها تأثيرات كبيرة على السياسة الإقليمية. وتعد هذه الشكوى الرسمية من مالي بمثابة تحرك سياسي قوي يهدف إلى وضع الجزائر في موقف محرج أمام المجتمع الدولي، وخاصة أمام الأمم المتحدة التي يتوقع أن تلعب دورًا في معالجة هذا النزاع المتصاعد.
هذا التصعيد قد يفتح بابًا جديدًا من الصراعات السياسية والدبلوماسية في المنطقة، ويزيد من تعقيد الوضع الأمني في الساحل الإفريقي الذي يعاني بالفعل من وجود جماعات إرهابية مثل القاعدة وداعش، إضافة إلى التوترات السياسية بين الدول المعنية. ولا يُستبعد أن تستغل بعض الأطراف الدولية هذه الفرصة للضغط على الجزائر لتحقيق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
إن ما يحدث الآن في المنطقة من تطورات سريعة واتهامات متبادلة يشير إلى أن منطقة الساحل تواجه مرحلة جديدة من التوترات السياسية والاقتصادية، وقد يكون لذلك تداعيات كبيرة على العلاقات بين الدول الأفريقية وعلى الدور المستقبلي للأمم المتحدة في حل الأزمات الإقليمية في القارة.