
شهدت الآونة الأخيرة استقطابًا عسكريًا في منطقة شمال إفريقيا، حيث كانت الجزائر قد دعت إلى تنظيم مناورات عسكرية تحت عنوان “قدرة شمال إفريقيا”. غير أن قرار كل من مصر وموريتانيا بعدم المشاركة في هذه المناورات أثار الكثير من الجدل والتحليل حول خلفيات هذا الرفض وأبعاده على الأوضاع الإقليمية.
خلفيات الرفض
1. القضية الصحراوية: تعد قضية الصحراء الغربية من أبرز القضايا التي تؤثر على العلاقات بين الدول المغاربية. تساند الجزائر حركة البوليساريو التي تطالب بالاستقلال عن المغرب، بينما تعتبر مصر وموريتانيا أن التسوية السلمية هي السبيل الأمثل للتعامل مع هذا النزاع. وبالتالي، قد يكون الرفض نتيجة لقلق تلك الدول من الانحياز المحتمل للجزائر للموقف البوليساري.
2. اعتبارات الأمن القومي: تضع مصر وموريتانيا اعتبارات الأمن القومي نصب أعينها، حيث قد تُعتبر المناورات في الجزائر فرصة لتأكيد النفوذ العسكري الجزائري، الأمر الذي قد يؤثر على توازن القوى في المنطقة. قد يرى بعض المراقبين أن مشاركة الدولتين قد تمنح الجزائر موقفًا قويًا يدعم موقف البوليساريو.
3. التحالفات الإقليمية: تسعى مصر وموريتانيا إلى تعزيز علاقاتهما مع المغرب، الذي يُعتبر خصمًا رئيسيًا للجزائر في ملف الصحراء. لذا، فإن المشاركة في مناورات قد تُفهم على أنها دعم لموقف الجزائر قد يكون له تداعيات سلبية على علاقاتهم مع الرباط.
الآثار المترتبة على الرفض
1. تأثير على التعاون العسكري: يتسبب هذا الرفض في تقلص آفاق التعاون العسكري بين الجزائر والدول العربية الأخرى في المنطقة، مما قد يؤدي إلى تفاقم الانقسامات السياسية والعسكرية.
2. تعزيز الحواجز الإقليمية: هذا القرار قد يُعمق الفجوة بين الدول المغاربية، حيث يُظهر تباين المواقف من القضايا الإقليمية والاستراتيجية، مما يحول دون تحقيق التكامل المغاربي المنشود.
3. تأثير على العلاقات الثنائية: من الممكن أن يؤدي الرفض إلى تدهور العلاقات بين مصر وموريتانيا من جهة والجزائر من جهة أخرى، مما يُعرّض مصالح الدولتين في المنطقة للخطر، ويؤدي إلى مزيد من التوترات.
الخلاصة
إن قرار مصر وموريتانيا بعدم المشاركة في مناورات قدرة شمال إفريقيا في الجزائر، بسبب قضية البوليساريو، يعكس قلق الحكومتين من توازن القوى الإقليمي، بالإضافة إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي والتحالفات الاستراتيجية. أمام هذه الديناميات، يتعين على الدول المغاربية مواصلة الحوار والتفاوض للوصول إلى حلول تضمن الاستقرار والأمن في المنطقة.