“التغيرات في الموقف الفرنسي تجاه قضية الصحراء المغربية: نجاح دبلوماسي للمغرب و ضغط على الجزائر

المتتبع المدقق للأحداث والتطورات المتعلقة بقضية الصحراء المغربية سيلاحظ بلا شك التغير الكبير في الموقف الفرنسي تجاه هذه القضية. فقد تحول الموقف الفرنسي ليس فقط من خلال دعم الموقف المغربي، ولكن أيضًا من خلال إجبار الجزائر على التوقف عن استخدام هذه القضية كورقة ابتزاز ضد فرنسا. فعلى الرغم من محاولات الجزائر المتكررة، أصبحت مجبرة على تعديل سياستها تجاه فرنسا، حيث بات من المحظور على المسؤولين الجزائريين طرح قضية الصحراء المغربية في أي نقاشات مع نظرائهم الفرنسيين.
وقد جاء هذا التغيير في العلاقات الفرنسية-الجزائرية نتيجة عاملين رئيسيين: الأول هو الحكمة والرؤية الثاقبة لجلالة الملك محمد السادس، الذي قاد نضالاً دبلوماسيًا طويلًا لاستمالة القوى الكبرى ودفعها لتغيير مواقفها تجاه قضية الصحراء المغربية. وقد نجح جلالته في إقناع كل من فرنسا، إسبانيا، الولايات المتحدة، وبريطانيا، فيما كانت الجزائر تتجاهل هذه التحولات. أما العامل الثاني، فهو قناعة هذه الدول بهشاشة النظام الجزائري وضبابية سياسته الخارجية، مما جعل الجزائر تفضل التشويش على استقرار المنطقة المغاربية بدلاً من أن تعمل على تحقيق تقدم حقيقي.
اليوم، نشهد أن فرنسا تحت قيادة الرئيس إيمانويل ماكرون قد أظهرت حزمًا ملحوظًا في تعاملها مع الجزائر، وهو ما أسفر عن ضرر كبير لمصالح بعض اللوبيات القوية داخل الأجهزة الحكومية الجزائرية. ولا ينبغي أن نغفل أن بعض الشخصيات الرفيعة في الجزائر تمتلك عقارات فاخرة وأراضي في فرنسا، بالإضافة إلى حسابات بنكية مفتوحة في المصارف الفرنسية بأسمائها وعائلاتهم. هذه القوى النافذة شعرت بأن مصالحها أصبحت مهددة، خصوصًا في ظل حالة عدم الاستقرار الداخلي في الجزائر، مما دفعها إلى ممارسة ضغوط داخلية على الحكومة الجزائرية لقبول شروط المصالحة مع فرنسا. ولهذا أُرسل الرئيس تبون إلى فرنسا بعدما شعروا بخطر حقيقي يهدد مصالحهم.
الجزائر، اليوم، لم تعد تملك الجرأة لطرح قضية الصحراء المغربية على طاولة النقاش مع فرنسا. أصبح هذا الملف بمثابة “طابو” في العلاقات الجزائرية-الفرنسية، ما يعكس بشكل واضح نجاح المملكة المغربية في تحقيق أهدافها الدبلوماسية. ومن هنا، نفهم لماذا اختارت المملكة المغربية شعارًا يمثل قوتها وعزمها، وهو الآية الكريمة من سورة آل عمران: “وإن ينصركم الله فلا غالب لكم”. صدق الله العظيم.